jeudi 17 janvier 2013

الشعب الموريتاني يقول: ما لي وما لمالي



بدأت الحرب في مستنقع الشمال المالي، حيث الطبيعة المغبرة والفيافي الفسيحة، والعزائم الإيمانية الصلبة... وحيث الفقر والجهل والتخلف هما أبرز وأبشع التجليات في تلك المنطقة، هناك حيث يمتزج التكبير وأصوات محركات السيارات اليابانية، ويختلط المجاهد القادم من خلف الحدود مع المجاهد المدافع عن أرضه داخل الحدود، في مناطق وعرة وطرق غير معبدة في قفار موحشة، موغلة في التغرب، يحسب المرء فيها أنه في «أرض المريخ»، كما وصفها أحد الرحالة... إنها أرض آزواد أو الشمال المالي. تلك الأرض التي اعترف كل من ابن بطوطة، ومن بعده الرحالة الفرنسي رود بقساوتها وصعوبة "السياج الصحراوي" الذي تفرضه الطبيعة حولها.


قساوة الطبيعة وتهميش الحكام العسكريين الماليين لسكان تلك المنطقة كان الدافع وراء إشتعال ثورات وصولات للإنسان الطوارقي، والذي لم يكن يمتلك من وسائل الترفيه إلا مهرجنات ثلاث تقام على طول العام وهي: مهرجان «ايساكن» قرب مدينة تمبكتو التاريخية، ومهرجان «تيسليت» في أقصى طرف من الصحراء بمحاذاة الحدود الجزائرية، ومهرجان «آضر أن بوكار» قرب الحدود النيجرية...لكن طموح الطوارق كثيرا ما قوبل بإخماد قمعي دموية من الحكام المالي، وبحبوب مهدأة من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.


بعد اندلاع الثورات العربية (الربيع العربي)، استنجد الزعيم الليبي معمر القذافي بساكنة تلك المناطق فالتحق بقواته عدد كبير من الطوارق والذين تم تدريبهم وتسليمهم السلاح، ومع ضراوت المواجهات العسكرية وتقهقر قوات القذافي غادر الطوارق الأراضي الليبية عائدين باتجاه "اقليم آزواد" والذين طالبوا بتحريره من يد القوات المالية التي همشت سكانه وحرمتهم من التنمية لمجرد أنهم يختلفون عرقيا مع حكام مالي.

أما الحركات الإسلامية أو المقاتلين الإسلاميين الوافدين، فقد أختاروا الشمال المالي ونجحوا في استقطاب المقاتلين (أو المجاهدين) وشراء كمية كبيرة من السلاح عن طريق الفديات التي تحصلوا عليها عن طريق اختطاف الرعايا الغربيين، إضافة إلى ما جلبوه من أسلحة وتحالفات مع المجاهدين الليبيين، والذين نفذوا الهجوم على سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في بنغازي والذي أدى إلى مقتل السفير الأمريكي.


حدود أرض أزواد أو أرض الطوارق:

أرض الطوارق أو صحراء أزواد، التي تجري عليها الحرب حاليا، تنقسم إلى قسمين:

الأول منطقة تمبكتو وما يمتد نحوها شمال غرب دولة مالي، وهي منطقة بحر الرمال العظيم، أو الرمال الذهبية كما يطلق عليها البعض، ويمتد هذا المحيط حتى أقصى البلاد نحو الحدود الموريتانية والجزائرية عند ممالح أو مناجم الملح التاريخية التي تستغرق الرحلة إليها من تمبكتو نحو أربعة أيام بأفضل السيارات تجهيزا لتعبر خلالها مسافة 1000 ميل.



أما المنطقة الثانية فهي منطقة كيدال وتيسليت وتقع في الشمال الشرقي لمالي، وهي أرض جبلية وصحراء منبسطة على مد البصر، حتى ليخالها المرء نهاية الدنيا وملتقى السموات والأرض، ولا يقطع عزلتها سوى نفر من العرب والطوارق المتناثرين في جماعات صغيرة جدا وسط الصحراء، يرعون إبلهم ومواشيهم وسط عزلة تامة عن العالم الخارجي.

موقف الموريتانيين والآزواديين من الحرب:

موقف الشعب الموريتاني من الحرب في مالي معروف: وهو الرفض الكامل لدخول الجيش الموريتاني في تلك الحرب. هذا الموقف كان قد اعترف به الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز لصحيفة "لموند" الفرنسية عندما أكد في تصريحات سابقة له أن موريتانيا لن تشارك في الحرب وأنها ستكتفي بتأمين حدودها، لأن الشعب الموريتاني يرفض المشاركة في تلك الحرب.

أما موقف سكان آزواد من الحرب فقد قال محمد مولود ولد رمظان الناطق الرسمي باسم الجبهة العربية لآزواد في تصريح إعلامي أن الجبهة العربية لآزواد ضد أي تدخل أجنبي.

لكن الضغوط الفرنسية قد نجحت في حلحلة الموقف الموريتاني والجزائري من تلك الحرب واقنعت -فيما يبدو- الجزائر بإدخال جيشها إلى داخل الأراضي المالية، هذا ما أكده الناطق الرسمي باسم الحركة الوطنية لتحريرآزاود السيد: موسى أق السعيد، حيث أكد توغل القوات الجزائرية في إقليم أزواد شمال مالي، للمشاركة في العمليات العسكرية ضد الجماعات الجهادية، وقال إن القوات الجزائرية تجاوزت مدينة إين خليل بثلاثين كيلو متر, متجهة صوب الجنوب، وأنها الآن تتمركز في مدينة “تين ساليت” في العمق الأزوادي.



أما موقف الشعب الموريتاني فيكاد يجمع على رفض دخول الجيش الموريتاني في حرب عصابات ضد أشخاص (الجماعات المسلحة) لا يمتلكون أهداف عسكرية يمكن استهدافها.

ومن الناحية السياسية فإن أول إعلان رسمي لموقف منسقية المعارضة الديمقراطية من الحرب فقد جاء حاسما ومنسجما مع إرادة الشعب الموريتاني الرافض لحرب فرنسا ضد الإسلاميين.

هذا وقد صريح  البارحة الرئيس السابق لمنسقية المعارضة الديمقراطية السيد صالح ولد حنن، بأن مطالب حركة أنصار الدين مطالب مشروعة ولخصها في نقطتين (الحكم الذاتي والسماح لها فيه بإقامة الشريعة الإسلامية)...

ويبقى السؤال المهم هل تصريحات صالح ولد حننه هي إعلان لوقوف المعارضة الموريتانية مع تلك الجماعات (أنصار الدين)، أم أنه يدخل في إطار الصراع السياسي مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز وقراراته الأحادية وإعلانه للدخول في الحرب المالية دون اللجوء إلى المادة 58 من الدستور الموريتاني والتي تقول إن قرار الدخول في الحرب من صلاحيات البرلمان؟


وفي انتظار ما ستؤول إليه الأحداث في مالي يبقى الإنسان الموريتاني متلهفا على صون دماء أبناءه ولسان حاله يقول: ما لي وما لمالي.






Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire