طرد الإعلاميين من فوق المنصة
الإعلام سلطة رابعة في نظر الأمم الديمقراطية المتقدمة ومجموعة من الوسخين وأصحاب السيارات المتعطلة و"الجواسيس" و البشمركة في نظر القادة السياسيين والعسكريين الموريتانيين...
ففي أروبا تكفي افتتاحية أو عمود على إحدى الصحف لتغيير حكومة أو رئيس بينما عندنا يقرأ بعضنا عن آلاف القضايا الحساسة والخيانات والانتهاكات ولا يحرك فيه ذلك أي شعور، فبماذا تفسرون ذلك أيها الأحبة؟
في موريتانيا يجلس مسعود ولد بلخير رئيس الغرفة البرلمانية وأهم شخصية وطنية اليوم (بعد جنرالات العسكر طبعا)، ليصف الإعلامي بالجاسوس وبمجرد لاقط للأخبار ويرد عليه الزملاء ببيان يطالبه بالاعتذار كما لو أنه يخطئ في حقهم لأول مرة!.
على منصة مهرجان "الكرسي أولا" أطل الفشل من عيني أسوان بعد أن أعطى أوامره بالتضييق على الإعلاميين الذين لولا الدعوة التي وصلتهم لما قاموا بتغطية ذلك المهرجان الحالك.
قف... لا تعبر... لا تصعد... انزل... وغيرها من العبارات كان حراس المنصة يرددونها في وجه كل اعلامي يريد الحصول على صور من الجمهور، وعندما تسأل لماذا؟ يجيبك أحدهم: لست أدري قيل لي أن لا أترك أي أحد يعبر من هنا وهي أوامر...
هل نحن في ثكنة أيها الأحبة؟!!!
إنها قيود الإيديولوجيا العمياء التي تدفع بصاحبها إلى الرقص "على وتر الكآبة" تقليدا وتطيبلا مع العلم أن الإيديولوجيا أصبحت تتآكل بعد سحقها من قبل الانفتاح الإعلامي الجديد الذي بفضله تحرر كثيرون من قيود الأفيون الأزلي، وأنا في هذا أميل إلى رأي عالم الاجتماع الأمريكي دانيال بل صاحب كتاب "نهاية الأيديولوجيا" وكتاب "قدوم عصر ما بعد الصناعة"، وفرانسيس فوكوياما صاحب كتاب "نهاية التاريخ"، وجان فرانسوا ليوتار صاحب كتاب "وضع ما بعد الحداثة". لأن ما يشترك فيه هؤلاء قولهم بنهاية عصر الأيديولوجيات الكبرى التي تعبئ الناس عن طريق أفكار أو مثل ومبادئ وشعارات براقة.
على الجميع أن يعرف أن الإعلام قوة وسلطة رابعة وليس مجرد مجموعة من المتمصلحين المدجنين على الركوع والسجود "خلف حضرة الإمام".
قد يرى البعض أننا "نعيب الزمان والعيب فينا" كما يقول الشاعر، لكنني اليوم أخشى على مستقبل الحرية الإعلامية بعد التضييق الذي رأيته على منصة مهرجان "الحكم أولا".
أعلم بأن إعلامنا مرهق جدا وبدائي جدا ومنافق جدا... لكنه بجميع أخطاءه وخطاياه سيبقى أفضل ألف مرة من موافق النخب السياسية المعارضة التي منعت موريتانيا أكثر من مرة من الحصول على ديمقراطية مدنية حقيقة بفضل أطماعها. أما النخب السياسية ذات الموالاة المطلقة، فوجب الإمساك عنها وعن أفعالها.
قليلون جدا أولائك السياسيين الذين يقدرون أو على الأقل يميزون بين أنواع الرأي العام (الرأي العام العفوي والرأي العام التحصيلي والرأي العام الكلي والرأي العام الخامل و الفعال والباطني والظاهري والمؤقت...).
كما أنهم قليلون جدا أولائك الإعلاميون الذي يؤمنون بأن الرسالة الإعلامية مقدسة وبأنها سلطة يجب أن تفرض احترامها بنفسها بدل التملق والركوض خلف الاشتراكات والإعلانات والعقود المرتبطة غالبا بشروط مسبقة.
إن الانتماء الحزبي والعرقي والطائفي سجن للمثقف عموما وللإعلامي خصوصا لذلك نريد مثقف إنساني عالمي لا تأخذه في الحق قيود الحزب والقومية والقبيلة... كما نريد سياسيا محنكا له صدر رحب ويحفظ لحرية الكلمة مكانتها كما يعترف بحق المواطن في معرفة الحقيقة بكل تجرد.
منع الصحفيين من التصوير
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire