كم أتمنى أن أجد في وطني أي شيء يستحق الذكر، أي شيء أستطيع به أن أفتخر على الآخرين عندما يسألونني عن موريتانيا، التي اضطررت إلى ربطها –أكثر من مرة- بجيرانها (السنغال و المغرب) كي يعرف العالم موقعها. أي شيء أجيبهم به غير المصطلحات المستهلكة القديمة و التي لم تكن لأجيالنا الراهنة أي دور فيها (المرابطون، و المنارة و الرباط...)، أريد أي إنجاز في الوقت الراهن في الرياضة في الثقافة في الأبحاث أو حتى في هوايات سقوطنا (التجارة و السياسة)...
لنمتلك شجاعة الاعتراف بالحقيقة و لنعترف بأننا فاشلون، نعم فاشلون، لقد جعلتنا الأحكام العسكرية ندفع ثمن غبائها و إدمانها على الحكم. و استهتارها بالتنمية و الثقافة و الأبحاث و الصحة بعد أن عقدت زواج سفاح مع تجارنا الذين يختمون و يبصمون و يزورون فواتير سرقات المال العام... فالتاجر يفكر بعقليته العتيقة جدا: كأن يفتح حانوتا أو بقالة (لتبيض أموال لص يسطوا على المال العام بالتحايل أو بالنياشين و عند حصوله على الربح يفتح حانوتا آخر أو بقالة أخرى في مكان آخر ليقلده آخرون و تبقى بضاعته جامدة كفكره فيبيعها بعد أن تنتهي صلاحياتها ليدفع المواطن ببراءة الأغبياء ثمن تلك الأفعال المحرمة دينيا و المباحة اجتماعيا- أو كما يبدو-.
كنت قد اقترحت في أحد الأيام أثناء نقاش رياضي، تحويل الملعب الألومبي الصيني(المنتهي الصلاحية) إلى سوق سوداء نجمع فيها حفنة الشباب العاطلين عن العمل و الذين يحلبون الهواء بالقرب من سوق العاصمة بحثا عن قوت يوميهم (صرف العملات)...فانهمر من سمعني بالضحك ظنا منه أنها نكتة! و لكن ما فائدة من إمعاننا في تقليد العالم ما دمنا في الرياضة فاشلون؟ و نستمر في نفس أخطائنا و في نفس هزائمنا... و بهذه المناسبة أتقدم بالشكر إلى وزارة الثقافة و الرياضة على قرارها الجريء بإرسال شخصين فقط لتمثيلنا في أولمبياد لندن لأنه يكفينا من الهزائم هزيمتين فقط.
إن لأنصار الرئيس الحق كل الحق في الدفاع عنه و عن سياساته بكل ما أوتوا من قوة لكن من حقي أن أجد من يجيبني - منهم أو من غيرهم- على الأسئلة الكثيرة: أين عمارات أبلوكات الشاهقة؟ لماذا تجاهلت الحكومة سياسة تشغيل الشباب من برنامجها؟ لماذا تختصر المنح الدراسية و التكوين في كل من إسبانيا و تركيا و الولايات المتحدة الأمريكية و فرنسا على الضباط و ضباط الصف؟ ما المانع من إشراك المدنيين؟! لماذا أصبح الحصول على رخصة حزب أسهل من الحصول على رخصة صيد أو تنقيب عن المناجم؟ أم لأن المردود المادي هو الفارق بينهما؟ و لماذا تسعى خارجيتنا إلى إعفاء الموظفين حاملي جوازات العمل الموريتانيين من التأشيرات في كل من إسبانيا و البرازيل و غيرهما بينما تجاهلت المواطن العادي؟ أليس هو الأحوج إلى ذلك في ظل غياب الصحة و التعليم و العمل؟ لماذا تم الزج ببعض التجار في السجون في فترة ماضية بينما تم إطلاق العنان و التغاضي عن البعض منهم الذي أصبح يخنق المواطن بالأسعار و الأدوية المزورة حتى في شهر – الانتهاز- الرضى و الرحمة. و الذي تم استغلاله بكل خبث لرفع الأسعار و هو ما سيترتب عليه مشاكل جمة أقلها انتشار الطلاق في ظل العجز العارم لآباء الأسر الذين تحول ذكر العيد عندهم إلى مناسبة حزن بفضل السياسة الرشيد للرئيس محمد ولد عبد العزيز و حكومته المحنطة.
إن من لا يقرأ التاريخ جيدا حتما ستكون نظرته للمستقبل قاصرة... و هذا ما حصل معنا في سياستنا الخارجة المرهقة و المثخنة بالإخفاقات في ساحل العاج و ليبيا و سوريا و السنغال و في ملفات عديدة كحماية المصالح الغربية عبر قبولها إقامة القواعد العسكرية خارج قبة البرلمان، و إخفاقها في ملف المصطفى ولد الإمام الشافعي الذي حرصت على الحصول عليها و ليتها فعلت نفس الشيء و بنفس الحماس مع الرشيد ولد المصطفى -أعاده الله إلى أهله- و مستنقع السنوسي المريض و الذي لو مات عندنا -لا قدر الله- لدفن معه كنز من الأسرار و الظلم، ليبيا أحوج إليها منا و لندمنا على عدم تسليمه إلى بلده في الوقت المناسب.
اعذروني فنحن من بلد أصبح فيه اليوم طبيعيا أن نسمع بالقمع، و القتل و الجوع و الحرق... بفضل الضغوط النفسية الناجمة عن الآلة القمعية التابعة للجهاز الأمني المدجج بالغباء نحن في زمن اليأس حيث تجاهل الجميع طريق الأمل و تشبث بتمجيد أمتار من الطرقات أقيمت بميزانية مجهولة، و بسواعد عسكرية نحن في زمن تم الطلاء فيه على مثلث الفقر بطلاء الأمل إلى مالا نهاية، نحن في بلد تحول فيه الأمل إلى دكاكين و خطط...
لكن و من باب الحياد و الإنصاف هل أنتم راضون عن "موريتانيا الجديدة" أو موريتانيا الأمل؟
بقلم: الدد ولد الشيخ إبراهيم
dedda04@yahoo.es
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire