الفتنة أشد من القتل
قال تعالى بعد أعوذ
بالله من شر الشيطان الرجيم:" ذوقوا فنتكم" و قال تعالى "ألا في
الفتنة سقطوا"، و قال أيضا "و إن كادو ليفتنونك" و قال تعالى
"إن اللذين فتنوا المؤمنين و المؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم و لهم
عذاب الحريق" صدق الله العظيم... إنها لحظة المصارحة و المكاشفة مع النفس و
مع الوطن و مع آلاف العبارات العنصرية البغيضة التي يُشحن بها المراهقون الأبرياء
ليموتوا بكل غباء بين نار لا تلمس جنسيتي و انصار لا تلمس جيبي من جهة و بين سياسة
فرق تسد الموغلة في الحماقة و التي تلعب بتلك النار.
فمن المستفيد من كل هذا؟
وإن كان بيننا خونة
بيعون وثائقنا الرسمية، لماذا لم نسمع صوتا واحدا معتدلا يطالب بفتح تحقيق مستقل و
معاقبة من ارتكب تلك الجريمة؟!!
و هل في موريتانيا اليوم
رجل مسالم يمكن أن يعبر عن رأيه و يسلم من التخوين و السب و التنكيل؟!
سلاما يا وطني الجميل، سلاما أيها السجن الفسيفسائي المعطاء، سلاما أيها
الجنرال المرعوب في هودجه تحية لمناضلي حقوق الإنسان و تحية عابقة إلى غيمة الحرية
الطريدة و إلى والدتي البريئة أحييكم جميعا و أذكركم بقول الراحل مارتن لوثر كينغ:
علينا ان نتعلم العيش معا كإخوة، أو الفناء معا كأغبياء... كما أنقل إلكم صوت
العقل الذي يقول: إذا أقبلت الفتنة عرفها العقلاء و إذا أدبرت عرفها الجهلاء.
بكل فخر سأروي قصتي في التحقيق و سأقول للجميع
بأنني شارت حركة لا تلمس جنسيتي في جل مسيراتها السلمية الجميلة -رغم اختلافي
العرقي معها- و تقاسمنا معا رائحة مسيلات الدموع التي عشقتها لأنها تذكرني بقهر
هذا النظام الإستبدادي البدائي، و بالتنكيل الذي يوزعه بالمجان على كل من يجرب
استعمال حقه الذي أعطاه له الدستور و المشرع الموريتاني... شاركني في الخروج معهم
لفيف من الشباب الوطنيين الرافضين للظلم و المدافعين عن وحدة الوطن، و المؤمنين
بأن الوطن ليس كحرا على عرق بعينه...
أبشروا أيها المظلومون
فالحق سيظهر و لو بعد حين، فمن قبلكم تم التنكليل بشباب 25 فبراير أمام أعين
الجميع و لم يتراجعوا، تم سجن الكثير منهم فلم يتراجعوا، أتاحوا لهم فرصة التخريب
(حيث حاصروهم بين ثلاث بنوك) لكنهم لم يخربوا و لم كسروا، أطلقوا عليهم السكارى و
المجرمين يحملون السكاكين فلم يتراجعوا و لم يخربوا...
و الآن يخضعونكم لنفس
التجربة حيث قمعوكم ثلاث مرات و أنتم مسالمون، و أرسلوا عليكم لصوصهم السكارى فلم
يفلحوا ثم جاء دور إطلاق العنان لمندسيهم و أظنهم نجحوا في إخراج الأمر من سيطرة
الشباب المسالمين و حولوه إلى دراما مرعبة يقدمون من خلالها طوق النجاة لحكم هذا
الجنرال المهترئ الذي يغطي على اسياء شعبه
من حكمه من النعمة و حتى أزويرات...
و النفترض بأن حركة لا
تلمس جنسيتي جميعهم مخربون خرجوا للسرقة و لفرض تجنيس الأجانب... فلماذا خرج أهل
العكبة و أهل كرو و أهل النعمة و عمال الزورات و حمالوا الميناء و أنصار الحملة
الوطنية لحماية الثروة السمكية و أهل
الفلوجة و حملة الشهادات العاطلين عن العمل و العائدون من ليبيا و الأطباء و شباب
25 فبراير و حركة إيرا و رجال الإعلام غيرهم؟ هل كل هؤلاء مخربون أم أن الفشل
الذريع – و الاحباط- في الوفاء بتعهاد هذا النظام هو السبب!
لا يوجد عاقل اليوم يخفى
عليه الأمر، و الضحية هم أولائك المراهقون الذين يتم شحنهم من قبل السياسيين الذين
يزجون بهم ليموتوا بكل غباء عند أبواب الثكنات فماذا يريد المتظاهرون في الثكنات
العسكرية؟!
آلاف العبارات العنصرية تفوح من كل ميادين الوطن و من كل أعراقه، و العقلاء
يلتزمون الصمت و الإعلاميون يفبركون الصور و الأخبار و بعض الأحزاب الطوباوية التي
تتقن فن التمثيل ظهرت على حقيقتها و انكشف دعمها للتخريب و بأنها لا تعبد غير بعض
الأصوات المؤملة في الانتخابات التي كسابقاتها ستزور و ستطير باؤها بكل جنون.
الآن علينا أن نعلم
بأننا بين أمرين: وحدة وطنية و على الحكومة أن تعززها بالعدل و الانصاف، أو حربا
أهلية ستحول بلدنا إلى صومال و تخلف الحقد بين أبنائنا و أحفادنا. فعلى العلماء أن
يلعبوا دورهم و على إعلامنا الرسمي أن يوضح للجميع حقيقة و شروط هذا الإحصاء و على
هذا النظام أن يعيد النظر في تشكيل كتيبة أمربيه ربو التي تعتمد على بعض الشباب
الذين أرسلوا إلى مناطق ليسوا من أهلها و لا يميزون بين من هو من السكان
الموريتانيين و بين الأجانب... و كما يقال من لم ينفعه العلم لم يسلم من ضرر
الجهل.
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire