vendredi 16 septembre 2011

عيونهم في جيوبهم زرعت



عيونهم في جيوبهم زرعت


  كان البعض يسعى جاهدا إلى تغيير يهدى إليه على طبق من ذهب، و عندما لم يتسنى له ذلك أدرك متأخرا أنه وقع في خطأ  لا يليق بصامد  سياسي مثله، أدرك متأخرا أن للسياسة قواعدها حيث لا يجوز الإيمان بأن الشاه (رغم جهله ) سيهدي ثمرة رعبه و غبار نعليه لرجل آخر لمجرد أنه عدو لإمام المدينة، فأصيب حلم الغيير بخيبة أمل لا تصدق.                                                                                
   كان الفقراء في انتظار من سينتصر في الحرب التي دارت رحاها بين صاحب مزرعة محروسة  بالتماثيل
 و الطبول ليرعب بها من يريد الإقتراب من تلك المزرعة الهادئة، متناسيا تلك الجرذان التي تعمل على قص الجذور، و تلك الخفافيش المزعجة  التي ملأت الآذان بالشائعات المغرضة حول زوجة صاحب المزرعة، لمجرد أنها قالت للشاه ( الحفار) لن نسمح لك بأن تعيث في الأرض فسادا، بدأ الإرتباك عندما أراد الشاه تصفية الحسابات مع خصومه بطرق مكشوفة، حيث قام بصلب هيئة خيرية كانت تنافس طبيب العيون، و صادر ممتلكاتها كما قام بسجن الإمام [...] (كنت أتمنى أن تكون للقصة نهاية سعيدة لنستمتع بها و نجعلها عبرة تروى لأجيالنا اللاحقة).                                                                                                                   
   تلكم كانت الشرارة الأولى لإنكشاف الوجه الحقيقي لتلك المسرحيات التي أخرجتها الكتيبة المتثائبة في برلمان الثكنة المدنية.
 الفصل الثاني من المسرحية كان بعنوان: موريتانيا الجديدة! محاربة الفساد و رئيس الفقراء. جل الفقراء ذهلوا بروعة الألعاب النارية و المسرحيات التي أقامها طبيب العيون  الذي عهدو وجهه خلف فخامة صاحب الكتاب، لقد ظهر بقوة يحمل في يده علب السجائر و عطر الأفيون و الكوكايين.    
بدأت المبارزة مرة أخرى، عندما أشار رئيس حزب سياسي على الشاه بالقيام بزيارة لأفقر أحياء المدينة في خطوة كان أحد المترشحين قد سبقه إليها في حملة إنتخابية سابقة. هذا الفصل كان غريب جدا ففيه طارت الباء وتم شراء الذمم و أخيرا تم تنصيب الشاه.
لكن التحدي الحقيقي أمام الشاه كان هو ماذا سيفعل الآن؟

   بدأت محاربة الفساد بسجن وزير سابق لأنه قال إن الجيش فاسد (وهو ما اعترف به الشاه بعد ذلك)، فالشاه كان مسؤول عن الجيش و مؤمنا بسياسة من ليس معنا فهو ضدنا، كان لمسؤولي الحمام البريدي نصيبهم من الحيف و السجن، ثم جاء دور شهبندر التجار و أخوته حيث كاد سجنهم يخرج عن السيطرة بعد أن وُصف الشاه في أكبر أسواق المدينة برئيس البطاشة. و لإخماد الحريق قامت المخابرات بتأليف قصص حول مأدبة أقامها الشاه إرضاءا الشهبندر الغاضب و إخوته.
كانت حربا معلنة ضد كل شيئ البشمركة (الصحافة) التي أخمد طبيب العيون أحرفها النارية و صفع أقصاها،(ليعلم للشاه كيف يتصرف معها)، فقام الشاه بتقليده بسرعة و بدون تحريف فكان الشاب التقدمي ضحية ذلك التقليد المنافي للديمقراطية... ثم دخلنا في فصل جديد: الإرهاب الذي يحاول الشاه من خلاله التظاهر بالمفاوضات لفت الانتباه عن العجز و الفشل في المواجهة، كان الهدف من قانون مكافحة الإرهاب هو لفت الإنتباه فقط، و الكل لا يستبعد أن نسمع خلال أيام عن فرار مجموعة السجناء الذين رفضوا الحوار مع سلطة الشاه، لزرعهم في أرض الطاعون و الكبريت.
  توالت الأيام و دارت رحى المسارح بقيادة السلحفات الأصلع و الذي كان له الفضل في الضرب تحت الحزام و في تهجير الكثير من الأبطال خارج الجمهورية العسكرية، حيث كل القيم اغتيلت في المدينة الهادئة، حيث شارك أعيان المدينة في المسرحية  فزرعت عيونهم في جيوبهم، حيث قبلوا المشاركة في لفت انتباه الفقراء و ذلك بالدعوة إلى ضرورة تغيير إسم المدينة و شكلها و لوائها...
 كان المسرح يعج بالكثير من المعجبين بمسرحيات أخرى (مسرحية محو الأمية، مسرحية الكتاب، و مسرحية التشجير...) لكنه كان خاليا من النقاد، فالجميع يدركون أنهم في مسرح سيئ الإخراج و يتمنون أن ينالوا إعجاب شخص واحد في المدينة ألا و هو إبن بطوطة (القاضي) و سلحفاته الأصلع، و رغم هذا فقد اتفق الجميع على ضرورة مكافحة المخدرات لذلك كان إلزاما على الشاه أن يهش على بعض ملفاته، و ينفض عنها الغبار، لكن المخدرات مثل الحية إذا أردت قتلها فاضرب رأسها أولا وليس الذيل!!!
 كانت اجتماعات القصر مملة كسابقاتها: قرار فمرسوم ثم منح لرخص بغية التنقيب، يليه قرار مرسوم أو مخطط ثم منح رخص للتنقيب...لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو:
مالفائدة من سلسلة تراخيص التنقيب التي تمنح بسخاء منذ الثمانينيات إلى اليوم إذا كان لا يوجد في الجمهورية العسكرية أي شخص يعرف بكم بيع حديدها و ذهبها في الخارج؟!!!
و هل في الجمهورية العسكرية قدرات علمية تستطيع التدقيق في نتائج البحث و التنقيب التي تقدمها تلك الشركات الأجنبية و الوطنية و الوهمية...؟
 وماذا سيحمل الفصل القادم من مسرحية المداهنة لمن يقدم رأسه الأصلع قربانا للشاه؟

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire