رجاءا أوقفوا العنصريين عند حدودهم
عندما خلق الله بني الإنسان خلقهم متفاوتين و مختلفين في الكفاءات و الإمكانيات الجسمية و الروحـيـة
و العقلية و العاطفية، و رفع بعضهم فوق بعض درجات في مجالات معينة و ربما رفع هذا البعض على البعض الآخر درجات في مجالات أخرى. و بهذه الطريقة جعل جميع الناس محتاجين لبعضهم و مندفعين إلى الارتباط ببعضهم و بذلك تتكون الحياة الاجتماعية بشكل طبيعي فتصنع تقدما و حضارة و تضع استراتيجيات اقتصادية و تنموية تغني عن التسول و تحفظ ماء الوجه و ترفع الرأس أمام الأعداء، و قد قال تعالى: ̋ إن هذه أمتكم أمة واحدة و أنا ربكم فاعبدون̏ سورة الأنبياء: 92 و يقول كذلك:̋ و إن هذه أمتكم أمة واحدة و أنا ربكم فاتقون̏ سورة المؤمنون الآية:52.
لكن السؤال الملح الذي يطرح نفسه هو: لماذا تفوح رائحة العنصرية من الجسد الموريتاني الواحد؟
إن العنصرية حسب التعريف العالمي الموحد هي: تعصب فرد أو فئة من الناس لجنس أو عرق أو قبيلة أو عشيرة أو دين أو طائفة أو معتقد أو حتى لون بشرة و إباحة قتل أو اضطهاد أو حتى ازدراء الفئات الأخرى بدون وجه حق أو سبب واضح، سوى أنها تختلف عنه في جنسها أو عرقها أو طائفتها أو لون بشرتها.
إنه لأمر مؤسف! فليس اعتباطا أن تصل الساحة السياسية الموريتانية إلى ما وصلت إليه من انسداد نتيجة انتشار رائحة العنصرية و التهافت نحو القصر الرمادي و تفشي ظاهرة البيان و البيان المضاد و افتعال أزمات عنصرية – عن طريق سياسة فرق تسد- بين الطلبة أحيانا و باقي الشعب أحايين أخرى و خلق الفتن بين المواطنين عن طريق مصادرة أراضي بعضهم و منحها لآخرين و ارتفاع الأسعار و انتشار البطالة و مسرحية الإحصاء أو الجرد أو التجريد...
إن النظام الديمقراطي الذي يتم تدشينه بانقلاب عسكري يحتاج إلى الكثير من التوبة حتى يتم العفو عن أفعاله الغير ديمقراطية، و من الغباء المواصلة في سياسة فرق تسد التي تُعرض النسيج الاجتماعي لهزات قد يصل صداها و تردداتها – لا قدر الله- إلى أبعد مما يتصوره الجميع. كان على النظام العنصري الذي يحكم موريتانيا أن يعتذر للنساء اللواتي تعرضن للضرب بعد رفضهن للانقلاب و خرجن للتظاهر السلمي الذي تكفله المادة العاشرة من الدستور، كان عليه أن يعتذر للطلاب بعد أن عذبهم و افتعل حربا عنصرية بينهم، كان عليه أن يعتذر لشباب حركة 25 فبراير(الفئة الرافضة للتفاوض مع الرئيس) بعد أن أطلق عليهم البلطجيته و قسم منسقيتهم بشراء بعض أفرادها، كان عليه أن يعتذر للجالية في ساحل العاج بعد أن عرض حياتها للخطر بدعمه باسم الموريتانيين للدكتاتور لوران غباغبو، كان عليه أن يعتذر للجالية الموريتانية في سوريا بعد أن عرض حياتهم للخطر بدعمه باسم الشعب الموريتاني للسفاح بشار الأسد، كان عليه أن يعتذر للجالية الموريتانية في الإمارات بعد طرد أفراد من الشرطة نتيجة دعمه باسم الشعب الموريتاني للسفاح معمر القذافي و تعريض حياة آلاف من شبابنا المقيمين في ليبيا للخطر، كان عليه أن يعتذر لهذا الشعب عن فشله الاقتصادي، كان عليه أن يعتذر لعائلات الشهداء الذين ماتوا دفاعا عن فرنسا و لآلاف الشباب المعطلين عن العمل.
كنا سنكون سعداء لو أن الاعتذار- و الوعد بعدم التكرار- جاء على لسان هذا النظام العنصري، فالزنوج جزء لا يتجزأ من النسيج الموريتاني، و إقصائهم عيب و عار علينا جميعا.
إن من الغرابة أن تصاب أقلام النخب الموريتانية بالشلل و ألسنة الخطباء بالتجمد و هم يرون عورة هذا النظام العنصري و هو يمزق هذا البلد بافتعال الأزمات و الزج بالمظلومين في السجون و هم في سبات. من العار أن يتفق الجميع (حتى الرئيس) على ضرورة التغيير و لا يسعى أحد إلى ذلك التغيير و الذي ينبغي أن يكون للعقليات المتحجرة الرافضة لغير بني جنسها أولا و إبعاد عسكر الصفقات عن سدة الحكم المدني ̋ الديمقراطي ̏.
إن العنصرية هي موفق سلبي ظالم اتجاه إنسان آخر لمجرد انتماء هذا الإنسان إلى جماعة عرقية مخالفة, و لنكن أكثر صراحة فنقول: إن من ينكر ظاهرة العبودية في موريتانيا هو كمن يريد أن يغطي الشمس بغربال, لأنها موجودة و أهل مكة أدرى بشعابها. هذا من ناحية و من ناحية أخرى لسنا نشازا في هذه الظاهرة الكونية المتجاوزة و التي مرة عليها كل البشرية (الإمبراطورية الرومانية و المصرية كذلك البرتغال وفرنسا وهولندا والدنمارك، الولايات المتحدة الأمريكية و البرازيل إلخ...) لكن الجميع تجاوزها و نحن علينا أن نتصدى لها و تجاوزها بدلا من الزج و بمناهضيها في السجون.
إن حالة آدوابه في الداخل تدمي القلوب، حيث التهميش في أعظم تجلياته، و الجميع هناك سواسية في البؤس و الفاقة و الجهل، لمجرد أن معظمهم من الأرقاء و الأرقاء السابقين أو لأنهم من شريحة المغضوب عليهم.
و في الختام اسمحوا لي أن أرفع رأسي عاليا لأقول لكم: رجاءا أوقفوا العنصريين عند حدودهم و أرفعوا سياطكم عن ظهر هذا الشعب المنهك.
الدد ولد الشيخ إبراهيم
أحد شباب حركة 25 فبراير
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire