في أحد الأيام قرر الأسد بناء مسرح نزولا عند رغبة الثعلب الهرم و دعا إليه جميع قطعان الغنم في الحي ليخبرهم بالأمر، فقال له الثعلب يجب أن تبتسم قليلا كي لا تعلم الأغنام أن الغابة مجدبة، و أن الكلأ نادر، و أن الجفاف على الأبواب... و لما حضرت الأغنام، كانت كلها تطرح نفس السؤال من سيلعب دور المهرج على هذا المسرح الكبير؟ فقال لهم الأسد - الذي لم يفهموا شيئا من كلامه لشدة ضحكه- أنا من سيلعب ذلك الدور، فعمً التصفيق المكان، لأنها أول مرة سيشاهدون فيها أسنان الأسد دون أن تكون في طريقها للغوص في أبدانهم أو أبدان صغارهم.
و بعد فترة طويلة من الانتظار الممل بدأت الأغنام بالتناطح، و بدأ القلق يعم المكان فلربما قرر الملك العدول عن رأيه و إغلاق المسرح البارد. كانت أنظار الغنم تتجه تارة إلى الستائر المصنوعة من جثث ضحايا الملك الغبي و تارة إلى التيس الكبير الذي كان مشغولا بابنته المشاكسة... و فجأة رُفع الستار فبدأ التصفيق و التهليل، فظهر المهرج وحيدا و بدأ بالحديث: يا أغنام المدينة نحن نرزقكم، و إن شئنا نأكلكم فهل نحن ظالمون؟
فقال أحد الكباش: لا حاشاكم فأنتم طيبون مسالمون، و نحن من نظلم أنفسنا لأننا نأكل من عشبكم و نشرب من مائكم و نمن عليكم بأكلكم أبداننا و صغارنا.
فقال له الأسد ضاحكا : هكذا ينبغي أن يكون الجميع. فأنا آكل صغاركم لأنهم مشاكسون و يرفضون الحضور لمثل هذا اللقاء... أنا عادل حيث آكل ما أصطاده، و ثلاث أرباع ما يصطاده وحوش القرية، لأني من يسوسكم و من يؤمنكم جميعا.
كان الأسد يخفي أسنانه بكلتا يديه و يلتفت يمينا و يسارا، و كلما نظر إلى إحدى الماعز تصفق مرعوبة لكلماته الموغلة في الملل...
لقد كان جميع الحضور مدعوين لطمع أو لفزع لا فرق بين الاثنين في مملكة موريستار النفاق، إلا تلك الأرانب الصغيرة التي فرض الأسد عليها البقاء فوق التلة للاستمتاع بمسرحية الأسد المهرج.
قال حكيم الأرانب: إن الملك كذاب... فتسمرت جميع الأرانب مرعوبة تلتفت يمنة و يسرة خوفا من أن يسمع أحد ما قاله الحكيم... إلا أن الحكيم أعاد نفس العبارة و أضاف: أنظروا إليه إنه مسكين، لقد قرأت في كتب علم النفس أن الكذاب يحك رأسه من الخلف قبل أن يحيك كذبته، و هذا ما يفعله ملكنا مرات و مرات، و خصوصا عندما يصل لمرحلة إعطاء الأرقام.
لم تصدق الأرانب البريئة ما قاله الحكيم، إلى أن قال الأسد: إن المعطيات التي عندنا تثبت أن الأمطار قادمة... ساعتها أدرك الجميع أن المسرحية مقززة لأنها تحاول اللعب على عقول و تقزيم جميع القطعان...
و بعد أن تغلب الملل و النعاس على الجميع عم التصفيق.فالحمد لله لقد انتهى الفصل الأول من مسرحية المهرج السلطان...
قال حكيم الأرانب البعيد من آذان الأسد: ابتل القلم و جفت العروق و ثبت الأجر إنشاء الله...
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire