mercredi 1 juin 2011

ما أصعب رحيل البجع














لقد مرت البشرية بفترات عصيبة عدة، و شدائد حالكات يشيب لحصرها الولدان، و تجارب استطاع من خلالها الإنسان التغلب على الأخطار و خلق المعجزات و صنع الإنسان الجديد القادر على الاستفادة من أخطائه و تجاوزها و من ثم التطور و التحضر، و غزو القمر نتيجة لتحرره الفكري و المادي، و تبني القيم المثلى سبيلا لرقي البرية و خلاصها من أغلال و غياهب الجهل و الاستبداد, من خلال الإخلاص لعقيدة الحق و العدل و الإنصاف و الاستعداد للتضحية في سبيل بني جلدته و أرضه و محاولة بناء مدينته الفاضلة، لدرجة أنه حارب الجوع ليس لأنه يقتل الإنسان بل لأنه يقتل إنسانية الإنسان.
فهل نحن كشباب على استعداد للضحية في سبيل هذا الوطن و أهله؟!
ثم لماذا يعلق علينا الجميع آمالهم –نحن بذات- في التغيير دون غيرنا من شرائح المجتمع؟
منذ صغري و تحديدا بعد رحيل والدي - رحمه الله-  و أنا أغار من بقية الأطفال الذين يحضرون إلى المدرسة في بداية كل أسبوع ليحكوا عن نزهة أو رحلة أقامها لهم آباؤهم في نهاية الأسبوع، كنت أغار من تكريم آبائهم لهم، كنت أتمنى أن أحظى بأب يعمل في قسم الشرطة و يحافظ على أمن موريتانيا من اللصوص و قطاع الطرق، كنت أحلم بأب عسكري للخلاص الوطني... مرت الأيام و كبر حلمي معي كما كبرت غيرتي معي، فصرت أغار من أبناء طائر البجع لأن لهم أب يحرص على جميع السمك في فمه بكمية كبيرة و رغم ذلك يرفض ابتلاعها قبل إشباع جوع  أولاده، و صرت أحلم  أن يكون لبلدي طائر بجع يرأسه بدل رئيس يعشق الطيران تمام كابن فرناس لكنه بدون أجنحة... كما حلمت أن يبقى مثلي الأعلى بعيدا عن الأوساخ و المياه الضحلة... لقد درسونا في المدارس أن من بيننا الأبطال  و منا الرافضون و و و لدرجة كنت أتمنى أن أكون سيدي ولد مولاي الزين أو ممادو لامين... و بعد سنوات من التعليم الممل أدركت الكارثة!!! : انسي كل كلمة قرأتها عن المقاومة لأنها تعني الإرهاب، فكر بنفسك فقط لأن من لا يسرق في هذا الوطن يعيش في القبو و من يرفض طاعة الطغاة فهو عميل أو مدسوس، أما عن حلمي في الحصول على شرطي يكون لي أبا فالحمد لله أنه لم يتحقق لأنه قطاع مسكون بالعفاريت و مثخن بالجراح و آلاف الطعون.
تلاحقت السنون مسرعة و بقي الوطن جامدا كشيخ مقعد يعاني من ارتفاع الضغط و آلام الحنجرة، مع ارتجاج في الجمجمة. كما بقي حلمي يشاكس مضجعي، لأجده من جديد بعد ربيع الثورات العربية يقودني لمواجهة حتمية مع الرجل الذي حلمت أن يكون أبي - و الذي كان من المفروض أن يكون من حماتي- يرفع عصاه لضربي لأن حلمي المزعج جعلني أطالب الصخور بوطن يستحق هذا الشعب الطيب أن يعيش على أرضه، و أن يتفيئ قلبي ظلال عدله... آه أيها الشباب الطيبون مكانكم بين النجوم شاء نمر الورق ذلك أم أبى، و قيمتكم حفظها لكم المصطفى على السلام و ذلك عندما نصب عتاب بن أسيد على جيش فتح مكة ،، و أسامة بن زيد على الجيش الذي حارب الروم ،، وهما لم يتعديا العشرين عاما !! وها هو مصعب بن عمير يشهر أسلامه وهو في سن صغير وثبت رغم ما لقي من عذاب !!، لا تنصتوا لحلمي الصبياني فليس بين العسكريين أب لي مخلص و لا خلاص إلا بالخلاص من أحكامهم المعيقة للوطن و للتنمية و للثروة فهم صناع تهمش الشباب. لقد جعلتنا الثكنة التي تسمى موريتانيا نعاني مرتين: مرة لكون لصوصنا لا يملون لعق دمائنا النازفة رغم أنهم أغنياء. و مرة عندما ظنوا أن الحياة في ظل ممارساتهم الخبيثة تعني لنا الشيء الكبير.
 إن من النقاط التي أختلف فيها مع جل كتابنا الثائرين هي أنني لا أطالب بإسقاط الرئيس محمد ولد عبد العزيز فحسب، بل إسقاط نظام مبني على عقلية تجارية ارتجالية، تجعلنا نفقد الحس الوطني و نعرض جميع ممتلكاتنا للبيع: من جوازات سفر و الساحات العمومية، و تجعلنا نتحول إلى أكلة لحوم البشر لأننا بعثنا نسائنا لممارسة البغاء و جلب المال، تلك العقلية التي جعلتنا نتغاضى عن محاسبة من يقتل مرضانا ببيع الأدوية المزورة، كما تجعلنا نتشبث بمناصبنا و نرفض الاستقالة رغم عجزنا- أو تعجيزنا- عن الإصلاح. رغم أن جميع المؤشرات تؤكد أن هذا الحكم بدأ بالأفول إلا أنني أتوسل إلى جميع النجوم و الأقمار أن لا تسجد إلا لخالقها، و أن ترفض إعادة المشهد العسكري الممل و المشئوم.
كان من الأجدر للمنظرين من سياسيينا الوقوف مع شباب 25 من فبراير الأحرار، فلحراكنا المتحضر كل الفضل في تشجيع آلاف الأفواه المطبقة، فنحن لسنا حركة دادية طوباوية و لا غوغائية بل نحن شباب مهمشون شاء القادر أن نولد تحت رحمة سلطة عسكرية سادية و قدرنا أن نواصل النضال السلمي حتى تغيير النظام، لحراكنا الفضل في تشجيع المرحلين نحو فردوس الوهم و حنفيات الغبار على صراخ، له الفضل في اعتصام ذلك الصنم الراكد خلف الشاشات الصغيرة، كما كان لحراكنا الفضل في سعي الجميع نحن المطالبة بحقوقهم، إنهم يدركون أن زمن تركيع الشعوب قد ولى إلى غير رجعة، كما يدركون أنه ما ضاع حق وراءه مطالب و بأن مشوارهم طويل لكنهم رغم ذلك  أثبتوا أنهم مستعدون للمضي فيه.
لكن ما الذي تنتظرونه أيها المصفقون؟ ألا يستحق هؤلاء الشباب أن تصفقوا لهم؟ لا أحد اليوم يخفى عليها وجه الشعارات الخادعة و لا تلك الأقنعة التي كانت تستعمل لخداع الفقراء بعد أن كشف الشباب الستار عن مرحاض الفساد و زيف احترام الدستور؟ لقد كافحوا الفيسبوك و تويتر في مصر بالبلطجية أولا ثم بالجمال و البغال، و بما أننا في البداية فإن أمننا العظيم يقلد مصر في استحضار البلطجية و اللصوص. فأين المادة العاشرة من دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية التي تعطي حق التظاهر السلمي لجميع الموريتانيين يا باعث اللصوص؟!!! 
الدد ولد الشيخ إبراهيم
 عضو في شباب 25 من فبراير
dedda04@yahoo.es


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire