mercredi 3 octobre 2012

فرحة بطعم السم



فرح الموريتانيون بحملات توزيع التراخيص للتنقيب المنجمي و التي يستمعون إلى توزيعها كل ليلة و كل منتصف نهار على الأمواج الإذاعية و عبر تلفزة الجنرال محمد ولد عبد العزيز، لا أحد من الموريتانيين يعرف كم بلغ عدد تلك الرخص، ولا نتائجها ولا حتى إن كان لبلدنا فرقا للتقصي و معرفة نتائج تلك الأبحاث و حيثياتها... إلا أن من أبرز ما تجلت عنه تلك التراخيص التي تم منحها في التنقيب المنجمي: شركتي MCM العاملة في استخراج النحاس بمدينة أكجوجت و شركة تازيازت التي تعمل في مجال الذهب من منطقة تازيات و التي تبعد خوالي 300 كيلومتر من العاصمة نواكشوط.
و سأخصص هذه التدوينة لشركة النحاس MCM والتي أسميها بشركة "run to failure" بمعنى "تشغيل إلى غاية العطب" بسبب أسلوبها في التعامل مع عمالها كقطع الغيار. وسأتناول تحديدا تأثيرها على الجانب البيئي و الصحي لمدينة أكجوجت:

الجانب البيئي:
كثيرا ما سمعنا عن حالات تسمم حدثت في مدينة أكجوجت التي تستخرج منها شركة MCM النحاس نتيجة للمواد السامة التي تستخدمها على المساحة المسموح لها فيها بالتنقيب و البالغة 5269 كيلومتر مربع؛ فضلا عن ثلاثة تراخيص للتنقيب في ولاية كيدماغا جنوب موريتانيا... لكن ما خطورة تلك المواد التي تستخدم لاستخراج النحاس وما مضاعفتها على الصحة الإنسانية و الحيوانية؟
من أجل استخراج النحاس يتم إستخدام مادة سامة تسمى السيانيد: وهي مادة غازية أو سائلة عديمة اللون شديد الاشتعال و سامة جدا تتكون من الكربون و النيتروجين و تستخدم في الأسلحة الكيميائية و السموم و حقن الإعدام وفصل الذهب و الفضة من خاماتهما وعند تعرض الجسم لها تتحد بالحديد الموجود بهيموجلوبين الدم و تجعل كرات الدم الحمراء عاجزة عن نقل الأكسجين لأجزاء الجسم المختلفة فيموت الإنسان فورا.

يحدث التعرض للسيانيد تهيجا للعيون والجلد والجهاز التنفسي. وتبدأ الأعراض بتهيج للعيون والجلد مصحوبا بأحمرار، ويؤدي استنشاقه لمتاعب تنفسية تؤدي للانهيار، ويمكن أن يتأثر الجهاز العصبي بالمركب مما يؤدي لخلل في التنفس والدورة الدموية.

الطريق الشائع لدخول السيانيد إلى الجسم هو إما عبر استنشاق غاز هيدروجين السيانيد، أو ابتلاع أملاحه، فاستنشاقه قد يحصل عند استنشاق هواء المنطقة التي توجد بها ΜCΜ قرب مدينة أكجوجت وتحصل بالتالي حالات التسمم به، إما بشكل حاد وسريع أو بصفة بطيئة مزمنة. ويعمل السيانيد، حال دخوله الجسم بشكل سريع، على ظهور أعراض التسمم بالسيانيد، والتي تشمل الصداع والدوخة وعدم التوازن في الحركة وضعف نبض القلب وظهور اضطرابات في إيقاع نبض القلب والقيء والتشنج والدخول في غيبوبة والوصول إلى مشارف الموت، ربما خلال دقائق. 

أما التعرض المزمن لكميات ضئيلة ومتواصلة من السيانيد، فقد يُؤدي إلى رفع نسبة السيانيد في الجسم، ما ينتج عنه ضعف متواصل في عضلات الجسم والجهاز العصبي والآلية خلف هذا كله هو تسبب السيانيد في وقف عمل أنزيمات مهمة لعملية تنفس الخلية الحية واستخدامها للأوكسجين، واتحاده مع عنصر الحديد الموجود في مركبات الهيموغلوبين لخلايا الدم الحمراء وبالتالي لا تستطيع خلايا الجسم إنتاج مركبات الطاقة اللازمة لحياة ولعمل أعضاء مهمة في الجسم، مثل القلب والدماغ. 

ويستطيع الجسم بسهولة التخلص من الكميات الضئيلة لمركبات السيانيد التي يتناولها الإنسان ضمن المنتجات الغذائية الطبيعية. أما عند حصول حالات التسمم، فثمة عدة أنظمة علاجية مستخدمة للتغلب على التأثيرات السمية لها. وتشمل إعطاء المُصاب جرعة قليلة من مادة «أمايل نايترايت» لاستنشاقها، ثم حقنه في الوريد بمادة نترات الصوديوم وحقنه أيضاً في الوريد بعد ذلك بمادة ثيوسلفيت الصوديوم. والفكرة هي محاولة تخليص المركبات المهمة في الخلايا وخلايا الدم الحمراء من التصاق السيانيد بها. وهذه الطريقة، المعتمدة في الولايات المتحدة، ليست هي الوحيدة، بل ثمة طرق علاجية أخرى مستخدمة في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا. ولذا فإن المحاولات العلمية مستمرة لإيجاد طريقة أفضل وأقوى وأسرع لعلاج حالات التسمم بالسيانيد.


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire