29/01/2009 - 13:02
كل انقلاب و نحن بألف خير.الأيام و الشهور تمر على انقلاب جديد حمل معه الأمل للبعض و الألم للبعض الآخر في ظاهرة هي امتداد لسلسلة لا متناهية من الانقلابات تحصل في بلد لم يعد بإمكانه مقارنة ذاته بدول الجوار الذين اجتازوه بإمكانياتهم الاقتصادية المتواضعة, إنه مع الأسف موريتانيا. كل العالم قد يكرر عبارة "مات الملك عاش الملك"، إلا الموريتانيون فلم يسمعوا غير عبارة "عاش العسكر و عاش العسكر". عام جديد و عهد جديد و الحملة كعادة كل انقلاب ضد الفساد و المفسدين. لنفترض أن الحق مع العسكر، و لكن ألا يحق لنا كمواطنين و كمدنيين أن نتساءل أين هي الأموال و الممتلكات المصادرة من المفسدين على مر الانقلابات؟؟؟
لقد انتشر الفقر فينا و صيرنا قطيعا نتبع من يملك السلطة و المال مهما كانت شريعته و مهما كانت نواياه، و لذلك كان اختيارنا دوما "رغما عنا" خاطئ فمهلا حضرة الجنرال إننا نسأل الله للعسكر دوما حسن الاختيار و حسن الثبات و الهبات. ثم إن واقعنا المريض يستدعي منا الرعاية و العلاج و كذا الوقاية، فنحن أولا و أخيرا شعب مسلم و قد تجاوزنا مرحلة البداوة بكل ايجابياتها ولهذا علينا أن نقول للمحسن أحسنت و للمسيئ أسأت:يقول تعالى { فمن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} و في آية أخرى ...هم الفاسقون, و في آية أخرى...هم الظالمون.
حضرة الجنرال (الرئيس) أنا لا أنتمي إلى الجبهة المعارضة لانقلابك و لم أشارك في الأيام التشاورية لكنني سأسدي إليك بعض النصائح و سأذكر لك بعض النماذج و الأطراف المريضة التي تقتضي البتر أو الكي على الأقل: 1) لماذا لا يكون لنا أربعة رؤساء واحد عسكري و الثاني مدني و الثالث داخلي و الرابع خارجي؟ هذه سياستنا و سيادتنا ولا يهمنا العالم الخارجي.
2) مهلا حضرة الجنرال فعلى مستوى التعليم العالي فإن طلاب جامعة نواكشوط (الوحيدة في البلد) يفتقدون لأبسط مقومات التعليم من مناهج و أساتذة أكفاء و معدات و و و. أما التعليم الأساسي و الثانوي فالتلاميذ أفضل من معلميهم الجدد كما قال أبو حيان التوحيدي:
تصدر للتدريس كل مهوس بليد تسمى بالفقيه المدرس
فحق لأهل العلم أن يتمثلوا ببيت شاع في كل مجلس
لقد هزلت حتى بدى من هزالها كلاها و حتى سامها كل مفلس
ثم إن التعلم يأتي على شاكلته الأمن و عندما نذكر الأمن نذكر المعاملات السيئة لأفراد الشرطة و أسيادهم و لاغرو في ذلك إذا علمنا أن أقل مستوى تعليمي ينبغي أن يكون عليه الشرطي أن يعي معنى كلمة شرطة, فسرطان الظلم و الرشوة و الفساد قد استفحل في هذا القطاع مما استدعى إحداث شرطة للشرطة و الغريب في الأمر أنها من أفراد الشرطة أنفسهم فهي إذن الجاني و الحكم.
3) حضرة الجنرال إن عضو الصحة يثير الاشمئزاز; فالموريتانيون طوابرة في مستشفيات الدول المجاورة لأن الطب عندنا أصبح قسمان: عام يعمل فيه الجزار و النجار بأدوات صدئة. و قسم خاص تشتعل فيه الأسعار مع محدودية النجاعة
و كثرة المواعيد.
(4 ماذا فعل العسكر في كل مراحلهم الانتقالية للقضاء أو للحد من البطالة؟ في عهد العقيد السابق كان الشاب الحاصل على شهادات عليا يعين (بعد سنوات من الانتظار) على حنفية مجاورة لإحدى الإعداديات كي يرى الجيل الناشئ مثلهم الأعلى وهو ينظم الحمير. أما الآن فكل عام و حملة الشهادات يزدادون على قارعة الطريق و لا سبيل إلى العمل فيكون مصيرهم التهميش أو الهجرة إلى الخارج.
وفي الختام تقبل مني يا حضرة الجنرال فائق التقدير لتجميدك للعلاقات مع الكيان الصهيوني الغاشم فهذه خطوة حكيمة نقدرها و ننتظر القطع النهائي لهذه العلاقة، كما نرجو من الله أن يثير السماحة الإسلامية في صدور تجارنا في البيـــع و الشراء حيث لا كابح لجماح أسعارهم و لا مراقب لصلاحية بضائعهم.
فهل لدينا شيء أنتجناه أكثر بشاعة من العنان المطلق لكل فاسد (المثقف, الطبيب, المحاسب,العقيد, الجنرال...الخ)؟
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire