vendredi 24 février 2012

بفضل الله و الشكائم الوطنية


بقلم / الدد ولد الشيخ إبراهيم ح 25 ف
إن المتتبع لما يجري في موريتانيا هذه الأيام يعلم أن نسائم الربيع العربي بدأ تهب بالفعل على هذا البلد، لكن من الأخطاء الكثيرة التي يقع فيها بعض دعاة التغيير، هي ربط الفساد بالجيش الموريتاني، بينما الحقيقة أن ما يجري اليوم من فساد و عجز عن إنجاز الوعود و التوجيهات النيرة لا يتحمل الجيش أي مسؤولية عنه بل شخص الرئيس الذي أطلق العنان لوعوده و لم ينجز منها ما يستحق الذكر إذا ما قارناها بالتكاليف الضخمة المبذولة في تلك المشاريع. 
 و حتى لا يُظلم رئيسا منتخبا " بصورة ديمقراطية " يجب علينا أن نتساءل، كيف يطالب البعض برحيل رئيس منتخب لم يكمل فترته الرئاسية بعد؟
و لماذا لا يُعطى هذا الرئيس "المدني" فرصة الخمس سنوات قبل الدعوة لتنحيته أو لتنحيته؟
و كيف لشعب بدوي، فسيفسائي النسيج أن يقوم بتغيير متحضر بدون الوقوع في حرب أهلية؟!
كنت سأجهد نفسي في محاولة الإجابة على هذه الأسئلة، لكني تذكرت الرئيس المخلوع سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله و ما حل به و تذكرت بأن إحالة هذه الأسئلة إلى رئيس انقلابي عسكري مدني قد تكون أفضل، لأن أجوبته ستكون أكثر إقناعا و مبررات فعلته قد تكون واردة الاقتداء. 
   إن اتباع أساليب حرب اللاعنف في مواجهة الطغاة، أثبتت قدرتها على التغيير السلمي، إذا ما توفرت الإرادة و الصبر، يقول ابن القيم: «إن كمال العبد بالعزيمة والثبات، فمن لم يكن له عزيمة فهو ناقص، ومن كانت له عزيمة ولكن لا ثبات له عليها فهو ناقص، فإذا انضم الثبات إلى العزيمة أثمر كل مقام شريف، وحال كامل، ولهذا في دعاء النبي  "صلى الله عليه وسلم"   الذي رواه الإمام أحمد وابن حبان في صحيحه: «اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد»، ومعلوم أن شجرة الثبات والعزيمة لا تقوم إلا على ساق الصبر»، فيجب على من يُيمم وجهه شطر الثورة أن "يتوقع العقبات، لكن لا يسمح لها بمنعه من التقدم" أو كما قال روبرت شولر. فقد سئل مليونيرا أمريكيا كيف أصبحت مليونيرا؟ فأجاب: كنت قد بدأت من الصفر ، و فعلت أمرين قبل أن أصبح مليونيراً : الأول أنني قررت أن أكون مليونيراً ، و الثاني أنني حاولت أن أكون مليونيراً ... إن الإرادة و العزيمة الصادقة للفرد هي السلاح الحقيقي لبناء مستقبله و رزقه "إن الله يرزق العبد على قدر همته" ، و قد قال تعالى في الاقتداء بأصحاب العزيمة القوية: {قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ}... 
موريتانيا ليست نشازا و من حق الجميع التشبث بطلب تغيير الأوضاع السيئة و تغيير نظرة الازدراء التي ينظر بها الحاكم العربي " المسؤول" إلى شعبه و الوقوف بحزم ضد مسلسل التهريب المتواصل لثرواته و ضد حكم الفرد، و المساهمة في دفع عجلة التنمية المتوقفة منذ زمن، فكما يقول الرئيس الأمريكي الراحل ابراهام لنكولن: من الأفضل إن تمشى ببطء إلى الامام على أن تمشى مسرعاً إلى الخلف.
    إن من أشد ما يدهش في السياسة الموريتانية هي تلك الحلول الارتجالية المبنية على الأطماع الفردية، و لله ضر القائل: "ما بسقت أغصان شجرة الذل إلا على زريعة الطمع"، فجميع الناصحين في نظر قائد الكتيبة البرلمانية هم إما من الطماع الساعين إلى ملئ جيوبهم الخاصة  أو من المعارضة التي تسعى إلى كرسي الرئاسة! أما باقي الشعب فهم في نعيم تحت رعاية التدجين السامية لفخامة مالك التلفزة الموريتانية.

  إن من أخطر الأشياء على المسلم اليوم و بعد اندلاع الربيع العربي هو التردد في أموره، يقول الشيخ محمد الغزالي: «إن الإسلام يكره لك أن تكون مترددا في أمورك، تحار في اختيار أصوبها وأسلمها، وتكثر الهواجس في رأسك فتخلق أمامك جوا من الريبة والتوجس فلا تدري كيف تفعل، وتضعف قبضتك في الإمساك بما ينفعك فيفلت منك ثم يذهب سدى». لهذا فإن التغيير تحكمه ضوابط الأخلاق و الواقع (التغيير يبدأ من الداخل)، فالاندفاع العاطفي – حتى لا أقول العفوي – له ثمنه و علينا أن نكون كما قال غاندي "نحن التغيير الذى نود رؤيته في العالم". أما النجاح فيكون بفضل الله و الشكائم الوطنية الغيورة على أمنه و أهله...








Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire