مقال نشرته في صحيفة المرصد العدد 52 بتاريخ 25.04.2005
إننا في مرحلة تاريخية فريدة تستدعي منا الصراحة و الفصاحة و ترويض أطماعنا و كبح جماح متآمرينا، و تشجيع شبابنا على الصدق في القول و العمل، فقد تبجحنا كثيرا بمعارضتنا الموريتانية و بتحالفاتها القوية، فإيماننا بأن الله واحد يجعلنا نعلم أن من خاف الله لا يخاف سواه، فأسسنا حجم إحباط شبابنا الذين سئموا من ساسة يحسنون هضم الحقوق و فبركة الاحتيالات.
فماذا يفعل هؤلاء الشباب في غياب غدوة يحتذى بها أو مجدد يهتدى به؟
إن الديمقراطية تقتضي وجود معارضة و حكومة و محكومين أحرار... أما في واقعنا فالمعارضة ضعيفة لحد الاحتضار و منقسمة بين مترجل و هارب و مستسلم و مصفق.
فالمترجل قد قرر الراحة ربما إلى حين و تلك ميزة قد لا تكون سيئة لأن السياسة كالبحر تقتضي المد و الجزر... أما الهارب فهو أضعف من أن يحمل لقب المحرر، و صوته البعيد يحمل معه مزيجا بين صدى الطمع و الإحباط و قد آثر مصلحته الفردية على مصلحة وطنه و شعبه...
ثم إن المستسلم قد أثبت لنا و لمناضليه أن خطاباته الرنانة تلك كانت مجرد جعجعة بلا طحين، و قد آمنا من خلال استسلامه أن البطن الجائع ينبغي أن يبقى كذلك و أن أحلام النضال السلمي لنيل الحقوق كانت مجرد أحلام نضال قد تتحقق على أيدي أجيالنا اللاحقة.
أما المصفق فهو معارض يتقن فن الشهادة و الوقاحة و هو تماما كالمرض (الورم الخبيث) في جسد السياسة حيث يهوى التصفيق و الصفير و الركوع و التطويع...
أما نحن المواطنون، فنميل إلى تصديق الشائعات و الخرافات ككل الأمم العربية و يصدق فينا قول الرصافي:
متى نرجو لغمتنا انكشافـــــا وقد أمسى الشقاق لنا مطافا
ملأنا الجو بالجدل اصطخابا و كنا قبل نملؤه هتافـــــــــا
و ما زلنا نهيـــــــم بكل واد من الأقوال نرسلها جزافــا
و نرجف في البلاد بكل رعب يهز فرائس الأمن ارتجافـا
و نتهم الحكومة بإعتســافِ و نحن أشد ظلما و اعتسافا
و لكي نكون موضوعيين علينا الاعتراف أن كشف الخيانة مهما كان حجمها، أو ذكرها لا يعد إقذاعا وطنيا نبيلا يذكر فيشكر، حيث أنه يلوح في الأفق فجر الذهب الأسود و الذي قد يكون وبالا علينا ما لم نأخذ بالموازاة محاربة تزوير الفواتير مع محاربة السيدا و نحارب الوساطة كما نحارب الفقر و الأمية...
ثم إن مصالحنا الوطنية للأمن قد وضعت أرقاما بغية الحصول على كل ما من شأنه أن يكون خطرا على أمننا و أمن البلاد.
و هنا أتساءل ألم تجد من يبلغها أن وجود الأجانب الغير شرعيين في كل من انواكشوط و انواذيب يشكل أكبر خطر على بلد يستعد لتصدير النفط؟؟؟ أو لا تعلم أن الأوراق الرسمية (الجنسية جواز السفر رخصة السياقة...) تباع على أرصفة الشوارع كمومساتنا اللواتي نسيتهم أو تناستهم مصالح أمننا الوطني؟
أم أن المعني أكبر و أخطر من هذه الأمور؟
إن من واجبنا التصدي لكل معيق و مخرب لبلدنا كما أننا نعيب على الحكومة تساهلها مع الفساد الذي يسري في وزاراتها و إداراتها... و نطلب منها أن تجعل القانون (المهمش) بين الجميع لأنه يجب أن لا يبقى فوقهم فقط.
أما الشيئ الذي يثير الدهشة فهو أن البعض آثر الخروج من المعركة الانتخابية ليفر إلى بلجيكا أو فرنسا و من هناك يصم آذاننا بالاطهاد الذي تعرض له من قبل الحكومة حينا أو من الشعب أحايين أخرى أو من الباعوض الإفريقي (الأنوفل)أيضا.
و نحن بدورنا نقول له ما ضاع حق وراءه مطالب، إلا أن اختلافنا مع الفساد سوف لن يجعلنا نقبل باملاءات تفرض علينا من الخارج لأن الغرب مادي حتى النخاع، و لا يدفع أكثر مما يأخذ و ذرائعه في حمل سوطه كثيرة و مكشوفة و يستطيع أصغرنا قراءة تفاصيلها و فك رموزها و منها : الإضطهاد و العبودية و حقوق الإنسان (حقوق الطفل،حقوق المرأة...) و جل هذا حق أريد به باطل و سنكون جميعا صفا واحدا ضد كل من تسول له نفسه المساس ببلدنا أرض المنارة و الرباط و بديننا الحنيف، قال تعالى: {و قل اعملوا فسيرى الله عملكم و رسوله و المؤمنون} صدق الله العظيم.
الدد بن الشيخ إبراهيم
Aucun commentaire:
Enregistrer un commentaire